التهاب المثانة اللاجرثومي الناتج عن العوامل المؤلكلة: حالة طبية مرتبطة بالعلاج الكيميائي
وصف
التهاب المثانة من الحالات الشائعة التي تصيب الجهاز البولي السفلي، وغالبًا ما يكون السبب عدوى بكتيرية
لكن في بعض الحالات الخاصة، لا يكون الالتهاب ناتجًا عن عدوى على الإطلاق
من بين هذه الحالات النادرة نسبيًا، يظهر ما يُعرف بـ"التهاب المثانة اللاجرثومي الناتج عن العوامل المؤلكلة" أو ما يُسمى طبيًا بـ
Abacterial Cystitis – Alkylating Agent Cystitis
وهي حالة مرتبطة باستخدام بعض أدوية العلاج الكيميائي الشائعة، وتحديدًا السيكلوفوسفاميد والإيفوسفاميد
ما هو التهاب المثانة اللاجرثومي الناتج عن العوامل المؤلكلة؟
هو التهاب يصيب جدار المثانة البولية، لا تسببه البكتيريا كما هو الحال في الغالب، بل تسببه مواد كيميائية ناتجة عن استقلاب بعض أدوية العلاج الكيميائي. وتحديدًا، يحدث هذا النوع من الالتهاب بسبب مادة تُعرف باسم "الأكرولين"، وهي ناتج ثانوي يُفرز في البول بعد استخدام السيكلوفوسفاميد أو الإيفوسفاميد
عند طرح الأكرولين في البول، يمر عبر المثانة ويحتك مباشرة مع بطانتها، مما يؤدي إلى تهيج وتلف في الخلايا المبطنة، وقد يتسبب في التهابات حادة مصحوبة بنزيف داخلي
من هم الأكثر عرضة للإصابة؟
مرضى الأورام الذين يتلقون علاجًا بالسيكلوفوسفاميد أو الإيفوسفاميد
الأطفال المصابون بأورام الدم والذين يتلقون جرعات علاجية مكثفة
المرضى الذين يعانون من ضعف في وظائف الكلى
الحالات التي لا يتم فيها استخدام دواء ميسنا الوقائي
الأفراد الذين لا يحصلون على كميات كافية من السوائل خلال فترة العلاج
الأعراض والعلامات السريرية
تظهر الأعراض عادة بعد ساعات إلى أيام من تلقي العلاج الكيميائي، وتشمل
حرقة شديدة أثناء التبول
زيادة عدد مرات التبول نهارًا وليلًا
إلحاح مستمر في التبول حتى مع امتلاء بسيط للمثانة
ألم في أسفل البطن أو فوق العانة
وجود دم في البول بدرجات مختلفة (من خفيف إلى نزيف صريح)
خروج خثرات دموية في البول
احتباس بولي في الحالات الشديدة نتيجة انسداد مجرى البول بالخثرات
ما يُميز هذا النوع من الالتهاب هو أن تحاليل البول غالبًا ما تكون سلبية للبكتيريا، رغم الأعراض الحادة، مما يدل على أن السبب ليس جرثوميًا بل كيميائيًا
كيف يتم التشخيص؟
يعتمد التشخيص على مزيج من عوامل سريرية ومخبرية، منها
التاريخ العلاجي للمريض، خاصة في حال تلقي أدوية مؤلكلة
وجود الأعراض البولية دون وجود عدوى مؤكدة في الزرع
تحليل البول الذي يُظهر وجود دم وخلايا التهابية دون نمو ميكروبي
تنظير المثانة في الحالات المتقدمة لتقييم النزيف أو التقرحات
هل يمكن الوقاية من هذه الحالة؟
نعم، ويمكن الوقاية بدرجة عالية من خلال اتباع البروتوكولات الدوائية الوقائية. تشمل الخطوات الأساسية
استخدام دواء "ميسنا" بالتزامن مع السيكلوفوسفاميد أو الإيفوسفاميد، حيث يرتبط بالأكرولين داخل المثانة ويُعطل تأثيره
ترطيب الجسم عن طريق تناول كميات وفيرة من السوائل
التبول بشكل متكرر كل ساعتين لتقليل مدة ملامسة الأكرولين للمثانة
مراقبة البول لأي علامات غير طبيعية والإبلاغ عنها مباشرة للطبيب
خيارات العلاج عند حدوث الالتهاب
يُحدد العلاج حسب شدة الحالة
في الحالات الخفيفة
إيقاف مؤقت للدواء المسبب
زيادة السوائل
مسكنات لألم التبول
أدوية مضادة للتقلصات البولية
في الحالات المتوسطة إلى الشديدة
تركيب قسطرة بولية مع غسل المثانة المتكرر
نقل دم في حال النزيف الشديد
إزالة خثرات دموية تنظيريًا عبر منظار المثانة
اللجوء إلى كي المناطق النازفة
في الحالات النادرة جدًا التي لا تستجيب للعلاج الدوائي، يُدرس إجراء جراحي كحل أخير مثل استئصال المثانة
من أبرز الأدوية المسببة لهذه الحالة دواء السيكلوفوسفاميد ودواء الإيفوسفاميد، وهما من العوامل المؤلكلة المستخدمة لعلاج العديد من أنواع السرطان وكذلك بعض أمراض المناعة الذاتية. بعد استقلاب هذه الأدوية داخل الكبد، يتكوّن مركب يُسمى أكرولين، وهو المسؤول المباشر عن إحداث التهيج في بطانة المثانة عند مروره مع البول
للتعامل مع هذه المشكلة، يُستخدم دواء وقائي فعال يُعرف بالاسم العلمي
Sodium 2-mercaptoethane sulfonate
وهو المعروف تجاريًا باسم ميسنا. هذا الدواء يعمل على معادلة مادة الأكرولين داخل المثانة ومنع تأثيرها السام على الخلايا الظهارية
في حالات ظهور أعراض التهاب المثانة اللاجرثومي، تُستخدم أدوية داعمة لتخفيف الأعراض، منها
Phenazopyridine لتقليل ألم وحرقة التبول
Oxybutynin لتخفيف التقلصات البولية وتحسين السيطرة على المثانة
Aminocaproic acid في حال وجود نزيف حاد داخل المثانة، كمضاد للنزف
Aluminum hydroxide solution للاستخدام الموضعي داخل المثانة لتقليل التهيج والنزيف
علاج هذه الحالة يعتمد على الوقاية باستخدام ميسنا، بالإضافة إلى دعم الحالة العامة للمريض بالترطيب، التفريغ المنتظم للمثانة، والمتابعة الطبية المستمرة لتجنب المضاعفات المحتملة
الفرق بين هذا النوع من الالتهاب والالتهاب البكتيري
رغم تشابه الأعراض، إلا أن الفحوصات المخبرية تُظهر غياب العدوى في حالات الالتهاب اللاجرثومي الناتج عن العوامل المؤلكلة. وهذا يتطلب من الأطباء عدم التسرع في وصف المضادات الحيوية عند ظهور الأعراض البولية بعد العلاج الكيميائي، ما لم تُثبت الفحوص وجود عدوى بكتيرية مؤكدة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق